لقد ترك لنا معاوية في كل زمن فئة باغية
مقالات -المحويت نت
——————–
رسالة الدكتور حسن فرحان المالكي
بسم الله الرحمن الرحيم
يظن كثير من الناس إننا عندما نصحح حديثاً في ذم معاوية مثلاً أو نثبت جريمة فعلها أحد الأمويين إن هذا نتيجة تعصب مذهبي أو حقد على هذا الشخص أو ذاك، وهم في هذا واهمون،
فأنا شخصياً قلت أكثر من مرة، إنني لا أشعر أن في قلبي شيئاً على من لا أثر له في ديننا ولا عقائدنا حتى ولو كان قاتل عمر أو علي أو عثمان، مع أن شعوري هذا قد يكون خطيئة، ولكنني أتحدث عن نفسي، لا أشعر بالحقد على مشرك قتل يوم بدر إلا إذا كان له أثر على من بعده وقام له منتصفون ومتعصبون.. هنا أعرف أن أثره لم ينقطع بموته، وأنه ما زال حياً يعيش معي ويسلب حقي في التفكير وفي اتباع النبي (ص).
ومن هذا الباب قال السيد محمد بن عمر بن عقيل ( لقد ترك لنا معاوية في كل زمن فئة باغية)..
فالسيد ابن عقيل هنا يشعر أنه لا يستطيع أن ينقل ما يعرفه من هدي القرآن الكريم والسنة المطهرة، وأن الاحتجاج عليه بمعاوية وأتباع معاوية يحاصره في كل فكرة نيرة، وفي كل دعوة للعدل أو الإنصاف أو العلم ..الخ.
وما شعر به السيد محمد بن عمر بن عقيل أشعر به، ومن هذا الباب قد يكون في قلوبنا على معاوية أشياء كثيرة، ليس من باب العصبية لأهل بدر الذين قتل بعضهم ولعن آخرين ( مع أن من حقهم علينا أن نغضب لهم)..
ولكن الأمر أكثر من ذلك، إنه مرتبط بحياتنا ومدى قدرتنا على الإفلات من محاصرة معاوية لنا في بيوتنا، وتكميمه أفواهنا، وإجباره لنا على أن نترك كتاب الله وسنة رسوله جانباً، ونقبل على أحاديثه ومروياته وعقائده وسلوكه ..الخ..
هنا يجب أن نقاوم، وأن نقبل على كتاب الله، ونتلمس ما يضارعه ويشابهه من الأحاديث الشريفة، وأن نحذر من تلك الأحاديث التي تصادم القرآن ونفتش عن رواتها، وننظر هل لهم علاقة بمعاوية أم لا؟ ..الخ…
فعلنا هذا واكتشفنا العجائب!
كل يوم نكتشف قرب معاوية من حياتنا، إن له سلطة علينا أقوى من سلطة نفوسنا!
لقد وطأ بقدميه الفاجرتين على صماخ القرآن الكريم،
وطرد الرسول (ص) من أمته،
وطارد أولياءه في كل زمان ومكان..
ويستحيل أن يكون رجل كهذا سليماً من أي تحذير أو ذم نبوي، لابد أن يكون هناك عشرات الحالات، فهو أخطر من الدجال وأخفى من إبليس وأقدر على الدخول في بيوت المسلمين من أوسع الأبواب!.
معاوية بن أبي سفيان لا ننكر دهاءه ولا عقله ولا نسبه القرشي،
ولا حلمه عن العجزة والشيوخ،
ولا حسن إدارته لملكه دنيوياً،
ولا تذوقه الشعر والأدب،
ولا صلابته في التمسك بالمصلحة الذاتية ،
ولا علمه بنفوس الناس وعمله على تناقضاتهم وقدرته الفائقة على جذبهم لخدمة مصالحه،
ولا بذله للأموال وسخاءه بحقوق المسلمين، ولا غير ذلك، ..
ولا ننكر أن له مستشارين دهاة يستطيعون التهام الأمم والشعوب بدهائهم، كعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وزياد بن أبيه ومنصور بن سرجون الرومي وأمثالهم، ممن يستطيعون أن يديروا الناس كما يشاؤون بما فضل من عقولهم،
ولولا هذه الصفات في معاوية ومستشاريه ونصحائه، لانصرف الناس عنه إلى غيره، فأكثر الناس مع الدرهم والدينار والمصالح الدنيوية، ( وقليل من عبادي الشكور).
وإنما نحن نقول إن طاقاته العقلية والنفسية إنما جعلها في مصالحه الذاتية،
واستبد وظلم وعسف، والتهم الدنيا، وسنن السنن، وحرف الدين ليكون من جملة الخدم والموالي.. وغير ذلك من عمليات الدهاء والخداع التي لم تمت بموته وإنما استمرت بعد وفاته..
أترون؟!!!..
فقد زرع ديناً مكان دين،
وقدوة مكان قدوة،
وكتاباً بدلاً من كتاب،
وصحابة بدلاً من صحابة،
ومباديء طردت مباديء أخرى..
وهكذا..
ولولا أثره العظيم في الفكر لما انشغلت السلفية بالدفاع عن الطلقاء مع إهمالها أهل بدر بين مهجور ومجهول ومتهم بالنفاق إلا من يحتاج معاوية إليه منهم فيظهر على السطح وبغلو فج..
بعد هذا كله نستطيع بارتياح أن نقول هنا خطورة معاوية..
خطورة معاوية لا يعرفها السلفية لحماقتهم ولا الشيعة لتعصبهم..
إنما يعرفها من عرف القرآن أولاً،
وعرف النبي (ص) ثانياً،
وكان عنده الوعي التاريخي والسياسي الذي يستطيع به معرفة أثر السلطة والتاريخ في الدين والفكر والسلوك…
وإذا كان معاوية بهذه الخطورة الكبيرة _ فهل يعقل ألا نجد في الكتاب العزيز تحذيراً من أمثاله ولو بالوصف؟
_ وهل يعقل ألا يبين النبي الكريم ما أجمله القرآن من علامات المنافقين وأشخاصهم المستقبليين، ؟
_ هل يعقل أن يخلو الشرع من التحذير من هذا الخطر الذي تفوق خطورته خطورة الدجال أم لا؟
_ هل يعقل أن يذهب النبي (ص) من هذه الدنيا ولم يبين لنا ما نتقي وما نحذر منه، سواء أكان ذلك أفعالاً أم أشخاصاً؟ هل تركنا – كما نردد – على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك؟ أم لا؟..
لا يمكن الجواب على هذه الأسئلة إلا بعد البحث والتنقيب والتعب وتلمس الحق وطلب الهداية من الله وحمل النفس على الإنصاف ما أمكن،
فلا إفراط ولا تفريط..
لا جمود ولا خرافة..
لكن لا يمكن أن نترك المنافقين ليفسدوا علينا ديننا بعدما أفسدوا دنيانا بدعوى الورع والكف عما مضى، وأن معاوية قد ذهب إلى ربه! !!!..
نعم، هو ذهب بجسمه وبقي بأثره في كل شيء،
سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ودينياً، ..
لقد بقي منه في الأمة أكثر مما بقي من النبي (ص) للاسف،!!!!!!!…..
ومن هنا……..
وجب شرعاً تحطيم هذا الصنم الكبير ليرى الناس دينهم وصالحيهم ,
ويرجعوا إلى عقولهم ونفوسهم وعدلهم وقرآنهم ورسولهم وصالحي أمتهم..الخ…
خطورة معاوية لم تنته بزمنه ، كما هو حال فرعون ، وأبي جهل ، وأبي لهب ،. وبابك الخرمي ، وهولاكو وأمثالهم،
كلا،…… هو معك أيها المسلم في قلبك وعقلك، وبيتك ومسجدك. …!!!!!!!
إذن لا بد من مخرج وبيان في القرآنالكريم.
««««««««««««««««««««««««««