هادي دمية بيد العبيد وهذا مايريده العبيد من اليمن (التفاصيل )
تحقيقات -المحويت نت
يريد السعوديون تأمين قوتهم، وهذا ما جعلهم يلعبون في سبيل ذلك دورا متعدد الجوانب. فهم يشنون حرب إبادة ضد البنية التحتية والتوريد والاقتصاد.
ديتريش كلوزه| صحيفة “در فرايتاج” الألمانية: 1-2
من الصعب فهم النفسية السعودية فيما يتعلق بالحرب على اليمن. فالدافع الأساسي لهذه الحرب هو دائما الحفاظ على سلطتهم الخاصة وتوسيعها، وهذا هو المفهوم السعودي، على وجه الخصوص من اجل فرض السيادة على العالم العربي كونها صاحبة السيادة الروحية على كافة أرجاء العالم الإسلامي بصفتها “وصية على الأماكن المقدسة”.
وفي سبيل ذلك لا تقتصر المسألة فقط على تأمين سيادتها في الداخل بل تسعى لفرضها في الخارج ايضا. حيث يرى السعوديون ان كل ما يحدث في الدول المجاورة لها تحولاً من شأنه أن يشكل تهديدات كبيرة لها.
كان ذلك في حرب الخليج الأولى عندما تصرف نظام البعث العلماني في العراق بصورة عدوانية عسكريا ضد دولة الكويت الملكية المحافظة. كلا الدولتان جارتان مباشرتان للمملكة العربية السعودية، التي شعرت مباشرة بأنها تتعرض للتحدي وقدمت كل دعم للولايات المتحدة الأميركية في سبيل اتخاذ الإجراءات المرجوة ضد العراق.
أو عندما حدثت أعمال الشغب في أوساط الشيعة في البحرين عام 2011. إذ يشكل الشيعة هناك غالبية السكان، ووجدت الأقلية السنية في مملكة البحرين نفسها في موقف دفاعي مما جعل المملكة العربية السعودية تتدخل عسكريا على الفور، لكي تقمع تلك الانتفاضة وذلك بالتأكيد بدافع الخوف من أن يصاب الشيعة في السعودية بالعدوى (يشكل الشيعة نسبة من 10 إلى 15 بالمائة من السكان.) لا سيما والمناطق الشيعية في المملكة العربية السعودية تقع إلى الشرق من الخليج، على مقربة من مملكة البحرين.
ومن خلال مجلس التعاون الخليجي شكلت السعودية لجنة تتمكن عن طريقه، بحكم ثقلها في المجلس، من السيطرة على الدول الخليجية الصغيرة.
اليمن أيضا من ضمن الدول المجاورة التي ترى السعودية أن مصالح سلطتها تتأثر فيها. وتعتبر المملكة العربية السعودية أن اليمن فناءها الخلفي، تماما مثلما تعتبر الولايات المتحدة الأميركية المكسيك وغيرها من دول أميركا اللاتينية ودائما ما تتدخل في شؤون تلك البلدان. ويحدث ذلك منذ عقود من الزمن.
وفي غضون فترة قصيرة، امتد مجال نفوذ السعوديين إلى الغرب وتوصلت من خلال ذلك إلى التدخل بصورة مباشرة في اليمن، الأمر الذي اوصل إلى الحرب في العام 1934 بسبب الخلافات الإقليمية والخلافات بشأن النفوذ.
ولكن وكما قال هانز هيلفريتس في كتابه بعنوان “جنوب شبه الجزيرة العربية المنسي” عن العام 1936 ، الصفحة 19: “في الواقع، من الآن فصاعدا، دخلت اليمن في كل الأحوال في علاقة تبعية للمملكة العربية السعودية.”
وظل ذلك المطلب في تبعية اليمن لها راسخ في ذاكرتها منذ ذلك الحين بشكل واضح. فقد تدخلت في الحرب الأهلية في اليمن التي استمرت من العام 1962 وحتى العام 1969، وكانت تقف في صف الإمام. آنذاك، لم يكن دورها واضحا كون الإمام ونظام حكمه لا يمثلان التوجه السني الوهابي المتطرف من الإسلام، فالإمام لم يكن سنيا، بل يمثل رأس الزيدية الشيعية، أحد التوجهات الخاصة والثابتة في الإسلام.
وكان لذلك وزنا أقل بشكل كبير من دعم الحزب الجمهوري والقومية العربية (الذي كان موجه ضد الأنظمة الملكية العربية) المستوحاة من الاشتراكية في مصر بقيادة رئيسها جمال عبدالناصر للثوار – السنيين أيضا- ضد نظام الحكم الملكي في اليمن. وفي سنوات الستينات، لعبت الاختلافات الدينية بشكل واضح دورا بسيطا، فآنذاك هبت المملكة الإسلامية الرجعية لإنقاذ دولة إسلامية رجعية أخرى ضد كتلة علمانية جمهورية تشكل تهديدا لكلا الدولتين.
وكان من المفيد الانشغال تماما وبشكل مكثف بمسألة التأثير السعودي والتدخلات السعودية في اليمن. إلا أنها لم تكن تنجح بذلك دائما. نهاية الأمر هزم الإمام من خصومه وأصبحت اليمن جمهورية. ولكنها كانت جمهورية خاضعة للمملكة العربية السعودية تماما.
قبل عام 1990 كان كثير من اليمنيين يعملون في السعودية ودول الخليج الأخرى، كما كانت السعودية تقوم بدفع الجزء الأكبر من ميزانية حكومة الدولة اليمنية. وعندما وقفت اليمن في حرب الخليج الأولى في صف العراق وهتف الشعب اليمني بعلو صوته متعاطفا مع صدام حسين، أوقفت المملكة العربية السعودية دفع المال لليمن وطردت العمالة اليمنية من البلد. وأدخلت اليمن في أزمة اقتصادية حادة.
ولم يكن هناك أي مشكلة لدى السعودية ولا الغرب في نهاية التسعينات وحتى القرن الواحد والعشرين مع الرئيس الذي حكم لسنوات طويلة، علي عبدالله صالح، الذي كان حكمه ذو طابع استبدادي ونهاب.
سمح صالح للأمريكان بمحاربة تنظيم القاعدة، الذي كان قد استقر في جنوب اليمن. ومن الأراضي اليمنية، سلم لهم قاعدة العند شمال عدن.
وعندما انطلقت ثورات “الربيع العربي” في العام 2011، امتدت إلى اليمن وأصبح صوت السكان المطالبين بنهاية حكم صالح مرتفعا، حينها تدخلت الولايات المتحدة الأميركية ومجلس التعاون الخليجي الذي يهيمن عليه السعوديين. وعملوا على تنظيم رحيل الرئيس صالح ونقل السلطة للمرشح المقبول بالنسبة لهم. وأصبح عبدربه منصور هادي- الذي تولى منصب نائب الرئيس صالح لسنوات طويلة- رئيسا لليمن بعد أن فاز كمرشح وحيد بنسبة 99.8 بالمائة فيما أسمي بـ”انتخابات” ديمقراطية. وبهذه الطريقة كان هادي أكثر تبعية للولايات المتحدة الأميركية والسعودية من سابقه.
وعليه، من المفهوم من وجهة نظرهم، عمل السعوديون كل ما من شأنه لإبقائه في الحكم كـ “رئيس” يُزعم بأنه “شرعي” (لأن فترة حكمه التي تم تمديدها قد انتهت في فبراير2015) أو بالأصح إعادته للحكم.
يربط بين أعداء هادي الرئيسيين في هذا الصراع وبين السعوديين عداء قديم، يعود إلى بدايات هذه الحركة. لقد دعم الرئيس علي عبدالله صالح الذي عاد مرة أخرى إلى السعوديين بعد انتهاء حرب الخليج الأولى التقدم السني الوهابي المتطرف في شمال اليمن ذو التوجهات الزيدية وهمش المنطقة سياسيا واقتصاديا. وردا على ذلك الحرمان الديني والسياسي والاقتصادي في الشمال نشأت هناك حركة الحوثي وأصبحت قوة عسكرية منذ العام 2004.
ويدور الأمر الآن لدى السعوديين حول تأثيرهم على اليمن أو بالأحرى استعادة نفوذهم في اليمن ولذلك توجب على “الرئيس” هادي أن يتحول إلى دمية بكل ما تحمل الكلمة من معنى يحركها السعوديين في منفاه في الرياض. وينبغي إعادته للحكم ويجب أن يتم إنهاء الحوثيين.
كان للأسباب الدينية دورا في هذا كله:
اشتد العداء القائم بين السنة والشيعة، الذي معه يُرفض كل الشيعة من قبل السعوديين. وذلك بسبب السياسة الخرقاء للولايات المتحدة الأميركية في البلد المجاور للسعودية، العراق، حيثما جعلت من الانتماء المذهبي معيارا للمشاركة السياسية وبذلك سممت بلا شك العلاقة بين كلا المذهبين.
وبذلك أيضا اضطربت العلاقة بين العراق المحررة من صدام حسين والتي سيطر عليها- بفضل الأمريكان- الشيعة ودخولها في الوقت الراهن ما بين نفوذ إيران وبين السعودية.
بطبيعة الحال، يلعب التنافس بين السعوديين وإيران حول الهيمنة الإقليمية في الخليج الفارسي دورا كبيرا في حرب اليمن. يعاني السعوديون المصابون بداء العظمة من الخوف بالفعل من تدخل إيران ومن “التمدد الإيراني في المنطقة” وهم يعتقدون فعلا أن إيران تقف وراء تقوية شوكة الحوثيين. وأخذ السعوديون ينشرون بصوت عال أن إيران تمد الحوثيين بالأسلحة ولكن يرى كثير من الخبراء أن المساعدة الإيرانية المقدمة للحوثيين وخصوصا فيما يتعلق بموضوع الأسلحة هي أقل بكثير مما تزعم السعودية.
ربما تكون خشية السعوديون من إيران اقل من ذلك، الا انهم يلعبون بالورقة الإيرانية لأسباب تكتيكية قبل غيرها، والغرض من ذلك هو جر الولايات المتحدة الأميركية الى صفهم في هذا الصراع. الى جانب ان لدى الولايات المتحدة الأميركية بحد ذاتها مصالح جيوستراتيجية في هذه المنطقة، فقد عانت هي نفسها لعقود من الزمن من “التمدد الإيراني في المنطقة” هذا من جهة ومن جهة أخرى يتوجب عليها خصوصا بعد الاتفاق النووي مع إيران أن تتظاهر الآن باستمرار التضامن ضد إيران. وإذا ما علا صوت السعوديين الآن بالهتاف: “أوقفوا إيران!” فسيدقون على الوتر الحساس للولايات المتحدة الأميركية بصورة مضاعفة.
ترجمة نشوى الرازحي