مواقف الكبار وتهافت الصغار….
مقالات-محويت نت
بقلم / حمير العزكي
عجت البلدان العربية خلال السنوات القليلة الماضية بالاحداث الكبيرة والمثيرة للتباين على مختلف المستويات وللخلاف بين مختلف الشرائح والفئات ولعل النصيب الأكبر من ذلك التباين والخلاف كان من حظ فئة المثقفين ،، تباينات في المبادئ والثوابت و الايديولوجيات وخلافات في الرؤى والوسائل والاساليب
وبإعتبار المثقف جزء لايتجزء من مجتمعه ومكون معتبر من مكونات واقعه ،، يؤثر ويتأثر بمحيطه الوجداني والجغرافي ،، فمن الطبيعي جدا ان تعكس الاحداث والثوارت والحروب آثارها الايجابية والسلبية على عقلية ونفسية المثقف .
للاسف الشديد تبلور ذلك الانعكاس أزمة حقيقية للمثقف العربي فتجاوزت التأثير في التفكير الى التأثير على طريقة التفكير ومن التأثير على المشاعر الى التأثير على الشعور بذاته
وبلغت الازمة الثقافية أوج حدتها في تحديد مسارات المثقف بين الاستهداء بمواقف الاعلام الكبار او الانقياد للأدعياء الصغار ،، في تقييد خيارات المثقف بين المعية او الضدية
المتأمل في مواقف الاعلام الكبار من رواد الثقافة العربية أمثال الدكتور المقالح وموقفه من العدوان على اليمن وأدونيس وموقفه ممايحدث في سوريا يلاحظ البعد الأخلاقي والنفس الوطني والرؤية القيمية والنظرة المبادئية دون خضوع للابتزاز الأعلامي والدعائي والقناعات المهجنة بين المصلحة والايديولوجيا و الوليدة من سفاح السياسة الانتهازية بالدين المشوه
عندما يحدد المقالح من هو العدو الذي يجب قتاله بأنه العدو الذي جاء لقتل وطنه حتى الملائكة ويغلق بوابة المبررات ومتاهة المنطق من مسببات ونتائج .. فهو عندئذ يحدد الثوابت التي لاخلاف عليها
عندما يكتب المقالح ( الحرب وبكائية العام 2016) يحدد معالم الموقف الذي تفرضه الثقافة التي يمثلها كراهية الحرب لا المحاربين وعبثية القتل لا المقتولين ووحشية الدمار دون تفريق بين آلات الدمار .. يبكي الوطن بكل اجزائه بكل مكوناته بكل فئاته لاينتقي ولايتقمص دورالقاضي .. يدعو الى القيم ولاينصب نفسه قيما عليها ولايحصرها في طرف دون آخر
وعندما يحدد ادونيس العدو يقول : إن وضع العرب اليوم هو أشبه بالكرة بين أقدام العالم وفي مثل هذا الوضع كل شيء ممكن ثم يشير إلى أن الهدف اليوم أصبح تهديم سوريا وليس تهديم النظام، وأن هناك تناقضات في السياسة الغربية تؤيد المتطرفين في سوريا وتضربهم في مكان آخر
أدونيس عندما يتحدث عن الخلاف يحدد ماهيته واطرافه ولايغلب طرفا على طرف ولا يبرئ هذا ويدين ذاك فيقول:
ليس هناك أي خلاف عقائدي بين السنة والشيعة، ومع ذلك تبدو الحرب بين الفريقين اليوم وكأنها الأساس الضروري لتقدم العرب.. إن جوهر الخلاف بين الشيعة والسنة هو خلاف سياسي ،، ثم يقول عن الذين يدعون أنهم يقومون بالثورة ويناضلون ضد الظلم والطغيان.. وماسماها باليقظة المفاجئة ذات الطابع غير الثوري هو المشكلة الحقيقة اليوم في سوريا.. (كنا في مشكلة النظام واليوم أصبحنا أمام مشكلة الثورة.. إذا كنت تسعى إلى بناء دولة حديثة فوسائلك يجب أن تكون منسجمة مع إقامة دولة حديثة)
ومن الجدير بالذكر ان أدونيس كان ومازال معارضا للنظام الحاكم في سوريا والمقالح لم يشغل اي منصب حكومي خارج المؤسسة الاكاديمية – استقال منها احتجاجا على نهب اراضي جامعة صنعاء – سوى مستشارا ثقافيا للرئاسة كمنصب شرفي ليس له بل لها
وعلى النقيض تماما تقف شخصيتان فرضتا على الثقافة العربية في فترات سابقة هما خالد الرويشان من اليمن ورياض نعسان آغا من سوريا والذان تدرجا في المواقع القيادية حتى صارا وزيرين في حكومات الانظمة التي اعلنا الثورة عليها ولم يعتذرا عن اي منصب ولم يستقيلا حتى أقيلا
مارسا خلال السنوات الماضية دور المنظر الثوري والمثقف المحارب والمناضل واستخدما كل ما يمكنهما استخدامه في الخطاب التحريضي والتغريري المبتذل .. ومثلا الاستبداد الفكري المطلق ،، ما أريكم الا ما أرى ،، ومحورا الصراع بين خير مطلق و شر مطلق ،، تعنصرا الى حدود لاتليق بمن لايقرأ ولايكتب .. عنصرية البكاء فكم ظلا يتباكيان على دماء و لايذرفان دمعة على دماء مهما كانت بريئة
الوطن والوطنية عندهما مايمثلانه والثقافة مايحملانه والحق مايعتقدانه والحرية مايدعوان اليه والحقيقة مايقولانه ويكتبانه وماخالفهما رجعية وطغيان وعبودية وانكسار وغبار
لم يتعلما مما يدعيان الانتماء اليه ،، من الثقافة.. انها ليست كتب تقرأ ومعارف تحوى وحروف تكتب وكلمات تنطق ليست ماتختزنه الذاكرة من قصائد وروايات ومصنفات ونظريات لم يسترشدا الى حقيقتها ويستهديا الى طريقها بروادها المستبصرين وحداتها المتنورين لم ولن يدركا ان الثقافة قيم ومبادئ لاتتجزء،، وروح وضمير،، ووطن وإنسان ،، وممارسات راقية ومواقف سامية بالاضافة الى ماتحمله العقول .
الكبار
و
تهافت الصغار
_____________
بقلم / حمير العزكي
عجت البلدان العربية خلال السنوات القليلة الماضية بالاحداث الكبيرة والمثيرة للتباين على مختلف المستويات وللخلاف بين مختلف الشرائح والفئات ولعل النصيب الأكبر من ذلك التباين والخلاف كان من حظ فئة المثقفين ،، تباينات في المبادئ والثوابت و الايديولوجيات وخلافات في الرؤى والوسائل والاساليب
وبإعتبار المثقف جزء لايتجزء من مجتمعه ومكون معتبر من مكونات واقعه ،، يؤثر ويتأثر بمحيطه الوجداني والجغرافي ،، فمن الطبيعي جدا ان تعكس الاحداث والثوارت والحروب آثارها الايجابية والسلبية على عقلية ونفسية المثقف .
للاسف الشديد تبلور ذلك الانعكاس أزمة حقيقية للمثقف العربي فتجاوزت التأثير في التفكير الى التأثير على طريقة التفكير ومن التأثير على المشاعر الى التأثير على الشعور بذاته
وبلغت الازمة الثقافية أوج حدتها في تحديد مسارات المثقف بين الاستهداء بمواقف الاعلام الكبار او الانقياد للأدعياء الصغار ،، في تقييد خيارات المثقف بين المعية او الضدية
المتأمل في مواقف الاعلام الكبار من رواد الثقافة العربية أمثال الدكتور المقالح وموقفه من العدوان على اليمن وأدونيس وموقفه ممايحدث في سوريا يلاحظ البعد الأخلاقي والنفس الوطني والرؤية القيمية والنظرة المبادئية دون خضوع للابتزاز الأعلامي والدعائي والقناعات المهجنة بين المصلحة والايديولوجيا و الوليدة من سفاح السياسة الانتهازية بالدين المشوه
عندما يحدد المقالح من هو العدو الذي يجب قتاله بأنه العدو الذي جاء لقتل وطنه حتى الملائكة ويغلق بوابة المبررات ومتاهة المنطق من مسببات ونتائج .. فهو عندئذ يحدد الثوابت التي لاخلاف عليها
عندما يكتب المقالح ( الحرب وبكائية العام 2016) يحدد معالم الموقف الذي تفرضه الثقافة التي يمثلها كراهية الحرب لا المحاربين وعبثية القتل لا المقتولين ووحشية الدمار دون تفريق بين آلات الدمار .. يبكي الوطن بكل اجزائه بكل مكوناته بكل فئاته لاينتقي ولايتقمص دورالقاضي .. يدعو الى القيم ولاينصب نفسه قيما عليها ولايحصرها في طرف دون آخر
وعندما يحدد ادونيس العدو يقول : إن وضع العرب اليوم هو أشبه بالكرة بين أقدام العالم وفي مثل هذا الوضع كل شيء ممكن ثم يشير إلى أن الهدف اليوم أصبح تهديم سوريا وليس تهديم النظام، وأن هناك تناقضات في السياسة الغربية تؤيد المتطرفين في سوريا وتضربهم في مكان آخر
أدونيس عندما يتحدث عن الخلاف يحدد ماهيته واطرافه ولايغلب طرفا على طرف ولا يبرئ هذا ويدين ذاك فيقول:
ليس هناك أي خلاف عقائدي بين السنة والشيعة، ومع ذلك تبدو الحرب بين الفريقين اليوم وكأنها الأساس الضروري لتقدم العرب.. إن جوهر الخلاف بين الشيعة والسنة هو خلاف سياسي ،، ثم يقول عن الذين يدعون أنهم يقومون بالثورة ويناضلون ضد الظلم والطغيان.. وماسماها باليقظة المفاجئة ذات الطابع غير الثوري هو المشكلة الحقيقة اليوم في سوريا.. (كنا في مشكلة النظام واليوم أصبحنا أمام مشكلة الثورة.. إذا كنت تسعى إلى بناء دولة حديثة فوسائلك يجب أن تكون منسجمة مع إقامة دولة حديثة)
ومن الجدير بالذكر ان أدونيس كان ومازال معارضا للنظام الحاكم في سوريا والمقالح لم يشغل اي منصب حكومي خارج المؤسسة الاكاديمية – استقال منها احتجاجا على نهب اراضي جامعة صنعاء – سوى مستشارا ثقافيا للرئاسة كمنصب شرفي ليس له بل لها
وعلى النقيض تماما تقف شخصيتان فرضتا على الثقافة العربية في فترات سابقة هما خالد الرويشان من اليمن ورياض نعسان آغا من سوريا والذان تدرجا في المواقع القيادية حتى صارا وزيرين في حكومات الانظمة التي اعلنا الثورة عليها ولم يعتذرا عن اي منصب ولم يستقيلا حتى أقيلا
مارسا خلال السنوات الماضية دور المنظر الثوري والمثقف المحارب والمناضل واستخدما كل ما يمكنهما استخدامه في الخطاب التحريضي والتغريري المبتذل .. ومثلا الاستبداد الفكري المطلق ،، ما أريكم الا ما أرى ،، ومحورا الصراع بين خير مطلق و شر مطلق ،، تعنصرا الى حدود لاتليق بمن لايقرأ ولايكتب .. عنصرية البكاء فكم ظلا يتباكيان على دماء و لايذرفان دمعة على دماء مهما كانت بريئة
الوطن والوطنية عندهما مايمثلانه والثقافة مايحملانه والحق مايعتقدانه والحرية مايدعوان اليه والحقيقة مايقولانه ويكتبانه وماخالفهما رجعية وطغيان وعبودية وانكسار وغبار
لم يتعلما مما يدعيان الانتماء اليه ،، من الثقافة.. انها ليست كتب تقرأ ومعارف تحوى وحروف تكتب وكلمات تنطق ليست ماتختزنه الذاكرة من قصائد وروايات ومصنفات ونظريات لم يسترشدا الى حقيقتها ويستهديا الى طريقها بروادها المستبصرين وحداتها المتنورين لم ولن يدركا ان الثقافة قيم ومبادئ لاتتجزء،، وروح وضمير،، ووطن وإنسان ،، وممارسات راقية ومواقف سامية بالاضافة الى ماتحمله العقول .