عندما تعترف “القاعدة” بالتعاون مع السعودية وأمريكا في اليمن
وهذا الاعتراف من قبل قائد ما يعرف بـ”تنظيم القاعدة فرع الجزيرة العربية” والذي نشرته العديد من وسائل الإعلام الغربية والإقليمية ومن بينها “وكاله أنباء اسوشييتد برس” و”شبكة أن بي سي الأمريكية” و” صحيفة هافينغتون بوست الأمريكية” وكذلك “صحيفة التايمز الإسرائيلية” يبين بوضوح أن هذا التنظيم يحظى بدعم كامل من قبل التحالف السعودي ضد اليمن.
وجاء في هذا الاعتراف أيضاً بأن “تنظيم القاعدة فرع الجزيرة العربية” يتعاون كذلك مع عدد من الأحزاب والتنظيمات السلفية وجماعة “الاخوان المسلمين” في اليمن والتي تعتبر من الداعمين الأساسيين لعبد ربه منصور هادي.
الحرب ضد اليمن، هدية السعودية لتنظيم القاعدة
كان معظم المراقبين يعتقدون في السابق بأن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ضد اليمن يهدف فقط إلى تقوية الجماعات الإرهابية في هذا البلد بصورة غير مباشرة، إلاّ أن اعتراف الريمي كشف النقاب عن حقيقة دامغة وهي أن هذا التحالف يتعاون مباشرة مع هذه الجماعات وفي مقدمتها “تنظيم القاعدة فرع الجزيرة العربية”. وهذا يدل دلالة واضحة على أن العدوان السعودي على اليمن قد وفّر فرصة ثمينة للجماعات الإرهابية كي تعيد تنظيم صفوفها وتمد نفوذها في هذا البلد.
وتجدر الإشارة إلى أن تنظيم القاعدة فرع اليمن كان قد انحسر نشاطه بشكل ملحوظ قبل بدء العدوان السعودي على اليمن في آذار/مارس 2015 خصوصاً بعد توسع نفوذ الجماعات الإرهابية الأخرى وفي مقدمتها تنظيم “داعش” في عموم المنطقة لاسيّما في العراق وسوريا.
كما إدى مقتل زعيم تنظيم القاعدة “أسامة بن لادن” في باكستان على يد القوات الخاصة الأمريكية في عام 2011 إلى إضعاف هذا التنظيم في عموم المنطقة إلى درجة جعلت البعض يعتقد بأن عودته إلى الساحة من جديد باتت صعبة إلى حد كبير، وهذا الاعتقاد انسحب أيضاً على تنظيم القاعدة في اليمن.
وبسبب انشغال الجيش اليمني واللجان الشعبية بالتصدي للعدوان السعودي، استغل تنظيم القاعدة الأوضاع الأمنية المضطربة لمد نفوذه في شرق وجنوب اليمن لاسيّما في محافظتي حضرموت والبيضاء وذلك بالتعاون مع الجماعات الموالية للرئيس السابق منصور هادي.
مجيء ترامب ساهم في تقوية القاعدة في اليمن
بعد تسلم الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” مهام عمله في 20 كانون الثاني/يناير الماضي سنحت الفرصة أيضاً لتنظيم القاعدة لتوسيع نفوذه في اليمن، وهذا الأمر قد اعترف به أيضاً زعيم هذا التنظيم “قاسم الريمي”.
فعلى الرغم من مزاعم واشنطن بأنها تشن غارات جوية على مواقع ومقرات تنظيم القاعدة في اليمن بين الحين والآخر، إلاّ أن الحقائق الميدانية تشير إلى أن القوات الأمريكية قد وقفت وبشكل مباشر ولمرات عديدة إلى جانب القوات السعودية في عدوانها على اليمن خصوصاً خلال الأشهر الماضية، ما أتاح الفرصة للقاعدة وغيرها من التنظيمات الإرهابية للتوسع في هذا البلد.
وعلى الرغم من الانتقادات الواسعة التي وجهتها الكثير من المنظمات الحقوقية والإنسانية لإدارة الرئيس الأمريكي السابق “باراك أوباما” بسبب دعمها للعدوان السعودي على اليمن من خلال تزويد الرياض بأسلحة حديثة لاسيّما بالمقاتلات الحربية المتطورة وكذلك الدعم اللوجستي والمخابراتي، واصلت إدارة ترامب هذا الدعم وبشكل علني وأوضح من السابق. وذكرت صحيفة “هافينغتون بوست” الأمريكية في تقرير لها بأن القوات الأمريكية شنت أكثر من 75 غارة جوية على اليمن منذ بداية العام الجاري وحتى الآن، الأمر الذي استفادت منه الجماعات الإرهابية ومن بينها القاعدة لقضم أجزاء من هذا البلد خصوصاً في المناطق الجنوبية والشرقية.
وقد انتقد عدد من المسؤولين الأمريكيين بينهم السيناتور “كريس مورفي” الإجراءات العسكرية للإدارة الأمريكية ضد اليمن، معتبرين أنها مهدت الأرضية لتوسع نفوذ التنظيمات الإرهابية ومن بينها “داعش” و”القاعدة ” في هذا البلد، في وقت تزعم فيه إدارة ترامب بأنها تسعى لمحاربة الإرهاب في اليمن وفي عموم المنطقة.
من خلال قراءة هذه المعطيات يتبادر إلى الأذهان هذا التساؤل: هل أن السعودية وأمريكا والدول الحليفة لهما يعملون فعلاً على إعادة الأمن والاستقرار إلى اليمن كما يزعمون، أم أنهم يسعون إلى تدميره وتحويله إلى بؤرة للجماعات الإرهابية كما فعلوا من قبل في العراق وسوريا ودول أخرى في المنطقة من بينها أفغانستان وليبيا.
المصدر : الوقت التحليلي