السعودية تراهن على انقسام في صنعاء.. هل يتحقق هذا الرهان؟ ولماذا؟

محويت نت

تراهن السعودية مجددا على من يوفر لها كلفة الانتظار الطويل لحسم ملف اليمن المعقد والشائك والمرهق ، تنظر إلى أن تفكك تحالف صنعاء بين المؤتمر الشعبي العام برئاسة الرئيس الاسبق علي صالح وبين انصار الله الحركة السياسية والمجتمعية والفكرية المسلحة القوية في اليمن هو العامل الحاسم الذي يقربها من تحقيق أي تقدم واختراق جدار صنعاء الصلب الذي كلفها مليارات الدولارات وحرب عامين ونحن في الربع الاول من العام الثالث ، هذا التفكك يعني أن تنقسم القبائل اليمنية ايضا وما يطلق عليها قبائل الطوق ،وبالتالي تضعف الجبهة الداخلية عسكريا وسياسيا ، وهذا السيناريو بحثت عنه السعودية قبل العدوان بفترة قصيرة عندما عرضت على صالح العودة مجددة للتحالف مع الاصلاح ( الاخوان في اليمن ) ومع على محسن الاحمر وهولاء هم من وقفوا ضده في 2011 بل سعوا إلى تصفيته بمحاولة اغتيال اثر تفجير المسجد الذي كان يصلي فيه مع كبار اركان النظام حينها في 3 يونيو 2011 كانت السعودية بعد هذه الاحداث تريد من صالح ان يتحالف مع خصومه ضد انصار الله ، وبحسب صالح خلال مقابلة معه لقناة الميادين بتاريخ 29- مايو 2015 فان هذه الدعوة قوبلت بالرفض المطلق وهو ما جعل السعودية تتحامل عليه وتعمل كل ما بوسعها ضده .
هذا الانتظار يفضح الفشل العسكري وفشل المال السعودي الذي وجه بالجملة لشراء الولاءات القبيلة لدعم العدوان والتعاون مع الاخوان وبعض القوى الداخلية المتحالفة مع السعودية، ومؤشر واضح على ان السعودية وصلت إلى طريق مسدود بالنسبة لاستخدام الورقة القبلية او على الاقل ايقاف دعمها لتحالف انصار الله والمؤتمر رغم الوجع الاقتصادي الذي طال الجميع بسبب الحصار والحرب ، والمقلق للسعودية ان هولاء المشائخ والقبائل التي كانت تعتقد انهم سيكونوا سلاحها يدعمون جبهات القتال ضدها ماليا وعسكريا ويرفدون الجبهات بالرجال ايضا بشكل دوري .
من يراقب اعلام السعودية يتأكد ان هاجس استمرار التحالف الحوثي الصالحي اكثر التعقيدات امام اختراق اليمن عسكريا وسياسيا ، ولاحداث اي شيئ يضر بهذا التحالف انتهجت الآلة الاعلامية الكبيرة للسعودية وبعض الدول الخليجية على الترويج بشكل يومي بوجود خلافات عميقة بن أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام، وهو ما يضطر هولاء مرارا إلى الظهور ونفي هذه الشائعات وتكذيبها إما بتصريحات واخرها تصريحات طارق الشامي رئيس الدائرة الاعلامية للمؤتمر الذي نفى كل الادعاءات التي تروج له السعودية بشأن تفاقم الخلاف بين صالح والحوثيين أو من خلال تحشيد الشارع بشكل جماعي وفي مناسبات عدة ، يتأكد الداخل أن هذا التحالف قائم وقوي أكثر من أي وقت مضى ، ومع ذلك لا تمل هذه القنوات والوسائل الاعلامية التابعة للسعودية من تكرار القول بوجود انقسام وخلافات في صنعاء .
هذا الهاجس مفهوم لانه رهان وحيد أمام جملة كبيرة من الرهانات التي فشلت ، خطابات صالح المتكررة والتي يمد يده خلالها للسعودية للحوار والقول بانه مستعد للتفاوض وابداء نوع من الليونه ، يجعل من السعودية تفكر انه بالامكان التحالف مع صالح مجددا لكن شروطه ستكون كبيرة وغير مضمونة فمن غير الممكن أن تعيد الاصلاح والمؤتمر وهادي وصالح وعلي محسن و فصائل الحراك الجنوبية ومنشقين عن صالح وحزبه مرتين مرة في 2011 ومرة اخرى في 2015 ، وفي المقابل صالح عير مستعد أيضا ان يساوم بشعبيته وقاعدة المؤتمر التي ناصرته ضد هولاء منذ 2011 وبالتالي فان هذا السيناريو غير مضمون وفيه الكثير من العقبات والمطبات فهذه القوى من الصعب إعادة توحيدها مطلقا ، أضف إلى ذلك أن السعودية فشلت حتى الان في إيجاد صيغة لتقريب فصائل الحراك الجنوبي مع الاخوان وهادي ويعيش هولاء صراع مرير في مدينة عدن الصغيرة تتطور إلى اشتباكات مسلحة بين الحين والاخر فضلا عن انعدام الثقة بالمرة
الشراكة القائمة في صنعاء والمحافظات الشمالية والوسطى والغربية وهي العمق البشري لليمن 20 مليون من 30 مليون ، تجاوزت الشراكة السياسية ، لانها ليست مبنية فقط على مصالح سياسية ممكن أن تنهار بمجرد أن تظهر بعض التباينات ، بل مبنية على روابط مجتمعية وقبلية منسجمة ومتماسكة ، هذه الروابط تعني مجتمع قبلي متشابك يتعاطى مع السياسة بشكل طفيف جدا ويتعاطى بشكل أكبر مع المبادئ والمواقف والاعراف التي تعتبر هذا العدوان تعدي مهين لليمن ولليمنيين فضلا عن أن العدوان لم يترك منطقة دون أن يقترف جريمة فيها ، وهذا استثار الحمية القبلية وحملوا السلاح وتوزعوا في كل الجبهات المفتوحة ، ومن يعرف حركة انصار الله سيدرك تماما أن الحركة هي هذا المجتمع نفسه ومن الصعب أن يجد علي صالح والمؤتمر الشعبي العام نفسه خارج هذه المنظومة بتاتا ومطلقا
يصعب على السعودية بعد أكثر من عامين قتلت خلالها وجرحت اكثر من 30 ألف انسان ايجاد سحر يفكك أي تحالف قائم في اليمن بما في ذلك تحالف صنعاء ، وخصوصا أن السعودية والامارات في عيون كل اليمنيين قدموا نموذج مشوه في عدن والمحافظات الجنوبية ، فمامن عامل مشجع للذهاب مع السعودية الان وذاكرة اليمنيين ليست مثقوبة .
كاتب وصحفي يمني

مقالات ذات صلة

إغلاق