الأمن بين زمنين…. حكاية ثورة ..!!
مقالات-محويت نت.
إبراهيم الوادعي:
ما بين الوضع قبل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر وحالها اليوم ثمة سؤال محير?!.. كيف تحولت المؤسسة الأمنية اليمنية بنظر الخبراء الذين كانوا على رأسها من دول كبرى بمهام إنقاذ وإصلاح، تعيش وضع إنعاش، إلى مؤسسة، تجبر العدو على الاعتراف بنجاحاتها..
ولنبدأ الحكاية من الذكرى الثالثة لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر2014م ، ومشهد صنعاء الأخير.
فوراء النجاح والاطمئنان الذي شهدته صنعاء الخميس وهي تحتضن مئات الآلاف القادمين من المحافظات إلى ميدان السبعين وسط العاصمة للاحتفال بثورة الثورات اليمنية، عمل أمنى كبير، ولم يسجل وقوع حادث واحد عكر صفو الاحتفالية والاحتشاد الجماهيري الكبير في السبعين.
وفي مثل هكذا احتشادات تكون نسبة الاختراقات عالية الحدوث، ويزيد من ذلك وقوع الأجهزة الأمنية تحت ضغط عدوان يستنزف طاقتها بمحاولاته اختراق الجبهة الداخلية وحياكة المؤامرات.
بحسب وكيل وزارة الداخلية اللواء على سالم الصيفي، فان خطة دقيقة جرى وضعها للتعامل مع سيل الحشود المتقاطرة إلى العاصمة، ومنع حدوث أي اختراق أمنى، خطة شاركت فيها جميع قطاعات وزارة الداخلية، وجرى الالتزام بها والتعامل المسئول من خلالها من قبل الجميع قيادات عليا ووسطية، وصولا إلى العنصر الأمني المكلف على الأرض وفي الميدان.
وبحسب اللواء الصيفي فإن المناسبة وهي الاحتفاء بثورة تتعرض لعدوان يريد وأدها منذ ثلاث سنوات ولا يمتلك أخلاقا في الحرب فرضت تحديا من نوع خاص، وكانت نسب استهداف ميدان السبعين حيث تقام الفعالية أو تعكير صفو العاصمة صنعاء والمناسبة بالاختراق الأمني أو عبر الغارات كبير.
وأضاف في حديث لقناة المسيرة: “جرى التعامل مع كل التهديدات والاحتمالات بجدية، ووضع المعالجات لمنعها أو ما يجب اتخاذه في حال وقوع خرق أو استهداف من أي نوع”.
على مداخل العاصمة انتشرت القوى الأمنية، وبرغم السيل البشري الهادر إلى العاصمة إضافة ‘لى سكانها واحتشاد الجميع إلى ساحة ميدان السبعين إلا أن التنظيم شهد له الجميع بالاحترافية وعكس قدرة للأجهزة الأمنية بشكل عال، ويقول العقيد مجيب الرحمن العمري مدير عام مرور محافظة صنعاء بأن سيل الحشود فاق التوقعات لكن دقة النفيذ للخطة المرورية والأمنية والتزام أفراد المرور بتعاون المجتمع نجح في التعامل مع ذلك الكم من المواكب السيارة التي تدفقت إلى العاصمة صنعاء منذ ما قبل فعالية الخميس 21 سبتمبر وأمنت خروجها بذات النظام.
وأشاد بالالتزام الذي أبداه رجال المرور واحترافيتهم عبر تنظيم حركة مرور السيارات والجموع ذهابا وإيابا وتحديد المواقف منعا للازدحام المروري ضمن خطة مرورية محكمة وهي جزء من خطة أمنية شاملة وضعتها وزارة الداخلية لتامين العاصمة صنعاء يوم الحادي والعشرين من سبتمبر.
في ال 22 من أغسطس وبينما كانت صنعاء تعيش على وقع توتر سياسي اعد لإغراق العاصمة بالفوضى، قصفت طائرات العدوان السعودي الأمريكي النقاط الأمنية على مداخل العاصمة وارتكبت طائرات العدوان حينها مجزرة أرحب الرهيبة والتي راح ضحيتها ما يقرب من 100 من العاملين البسطاء في زراعة القات واستمر الاستهداف حتى ما بعد النجاح الأمني باستهداف نقطة المساجد في مديرية بني مطر 15 كيلو متر من العاصمة صنعاء.
وبرغم ذلك كله، ومع حلول ظهيرة الرابع والعشرين من أغسطس كانت صنعاء تكشف عن جهاز أمنى محترف وقادر، ممسك بالوضع الأمني، يعمل في صمت بعيدا عن التهويلات، وليبيت سكانها ليلتهم مجددا في اطمئنان بفضل رجال سهروا على تحقيق الأمن الذي ظنت قوى العدوان أنه يحتضر، وتهيأت له قنواتهم الإعلامية.
في أقل من شهر واحد ومنذ الرابع والعشرين من أغسطس تحديدا نجحت وزارة الداخلية في تأمين ستة احتشادات جماهيرية كبيرة في العاصمة صنعاء، رغم ظروف العدوان المستمر وشحة الإمكانات التي تفتقر إليها وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية واستهداف مقراتها ومقدراتها، بمشهد غاير ما كان عليه الحال قبل سبتمبر 2014م.
في الأعوام 2011 م وحتى سبتمبر من العام 2014م اعتمدت الأجهزة الأمنية على لجان وخبراء أجانب لإعادة تأهيلها وهيكلتها لتتماشى مع العصر، لكنها مع وجود كل لتك اللجان والخبراء عاشت الأجهزة الأمنية وضعا بائسا للغاية وبدت بوضوح عاجزة حتى عن حماية مقراتها وافرادها، بعد ارتفاع معدلات عمليات القتل المنفلتة والمتزايدة في الشوارع لمنتسبي المؤسستين العسكرية والامنية ، وبلغ الوضع حدا مأساويا بالاختراق الكبير ومقتل ما يقرب من مائة جندي في ساحة السبعين خلال تدربهم لأداء عروض في ذكرى الوحدة، كما تمكنت عناصر ما يسمى القاعدة من استهداف المقر الرئيسي للجيش في العرضي بوسط العاصمة .
عن تلك الفترة يتحدث اللواء على سالم الصيفي وكاشفا بوضوح عن اختراق كبير عانت منه الأجهزة الأمنية، ومستوى سياسي تمالىء مع الخارج وصمت عن تدمير المؤسسة الأمنية لغرض نشر الفوضى وتمرير المشاريع المشبوهة.
ويقول: أعادت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر لرجل الامن والمؤسسة الأمنية الثقة بالنفس، وهي تعمل اليوم بكفاءة وإخلاص دون الحاجة لخبرات مستوردة او مستشارين كانوا في الأصل عناصر هدم للمؤسسة الأمنية لتنفيذ الأجندات التخريبية في البلد لمصالح دول إقليمية وكبرى تخاف صحوة الشعب اليمني، وتحاول بكل الوسائل منعه من الاستقرار.
ويضيف: ما أنجزته ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، بمقياس الزمن وظروف العدوان يحسب لها، إذ تمكنت من إعادة ترميم الجسد الأمني أضحت معه وزارة الداخلية مجرد مكاتب إدارية لمعاملات ماليه وتخلوا من أي عمل أمنى حقيقي.
لقد كان ضمن أهم أهداف ثورة الحادي والعشرين من سبتبمر، استعادة الهيبة للقوات المسلحة والأمن وإعادة الاعتبار لرجل الأمن، وهي تحيي ذكراها الثالثة، فإنما تحتفي أيضا بعودة القوى الأمنية مهابة تحترم إلى أداء دورها وحضنها الشعبي، وتنفيذا لوعد يتحقق، كان عماده استعادة الثقة بالله أولا وبالذات اليمنية وتطهير المؤسسة الأمنية من الفاسدين.
وحيث المشهد في مناطق الاحتلال في الجنوب وبعض الشمال يعيد إلى الأذهان حقبة ما قبل ثورة الحادي والعشرين حين كانت دماء العسكريين ورجال الأمن تسفك بالشوارع في صنعاء، وفي كل المناطق تحت أعين قادة الدولة والمستشارين الأجانب، فان شهادة المرتزقة ومشغليهم بالأمن الذي تنعم به مناطق الجيش واللجان وسام استحقاق للمؤسسة الأمنية منه نصيب.
ولهم يقال: ليس في الأمر سحرا.. بل ثورة حقيقية، فصلت بين زمنين.