نوايا العدوان ومخطّطاته على أبواب الحديدة…
محويت نت.
|| صحافة محلية || المسيرة: علي نعمان المقطري*
التمسُّكُ باحتلال الحديدة
يجبُ التأكيدُ أن العدوّ لم يتخلَّ أبداً عن هدفه الرئيسي الراهن رغم ما كابده من خسائرَ وانكساراتٍ ورغم التظاهُرِ بالهُدنة والحديث عن الحلول السلمية.
وإنما هو يعبّرُ عن مساعيه بطرق مختلفة متعددة، لكنه لا يتخلّى عنه نهائياً وإن عرّج على طرق وعرة طويلة ويسلك العديدَ من الطرق والمناورات؛ للتقرب من الهدف والالتفاف حوله.
المناورةُ السياسيّةُ العليا هي أحد أهمّ الطرق للوصول إليه
ذلك أن الحربَ تخاضُ عبر مستويات عديدة، كُلُّ له مسارُه لتحقيق جانب من الهدف الرئيسي، فكل هدف لا يتحقّــق بفعل مستوى قيادي استراتيجي واحد مباشر، وإنَّـما نتاج تكامل المستويات العديدة للقيادة التي تسهَرُ على تحقيق ذات الهدف الرئيسي، كُلٌّ من جهته وبوسائله.
هدفُ السيطرة على الحديدة لم يتغيّر
حين تعثر المستوى العسكريّ الميداني المباشر وأخفق في تحقيق مُخَطّطه، فقد بادرت قيادتُه العليا إلى الإمساك بالمبادرة الاستراتيجية السياسيّة وتحويل الاهتمام والنزال إلى ميدانها السياسيّ إلى المناورات؛ بغرض إعاقة الخصم ومنعه من استغلال تراجع وإخفاق العدوّ في الإقدام على الهجوم المضاد في وقت لا يلائم العدوَّ ويعرِّضُه لأفدح المخاطر في ظل توافق غير مباشر مع الآخر للهجوم الحاسم بعدُ أَو أن له أولوياتٍ أُخْــرَى وفقاً لحساباته وتقديراته الخَاصَّـة عندها تكون الأقدار في حال توازن حرج لجميع أطراف الصراع، وإذ فشل العدوّ في كسب هجوم خسره فَإن الطرف الوطني ما زال لم يستنفـذ أساليب الدفاع الهجومي.
فحوى مؤشرات تحَـرّكات العدو
تشيرُ تحَـرّكاتُ العدوّ إلى أنه يتجه للاستعداد لجولة حربية تالية قادمة يستعدُ لها استعداداً أكبر مع إحداث تغييرات في استراتيجياته وتكتيكاته بما يتناسب وشروطَ معركته الجديدة.
لنأخذ عَــدَداً من المؤشرات تستحقُّ التركيزَ والتوقف عندها باهتمام:
1- هذا القصفُ الاختراقي اليومي المتكرّر لاتّفاقات السويد دون توقف أَو حياء ما هو إلّا أساليب ضغط؛ للحصول على المزيد من التنازلات وتغطية تحَـرّكات العدوّ السرية التي يستعدُّ فيها عبر عصاباته ومرتزِقته في المدينة وحواليها للانقضاض على مناطق المدينة ومراكزها والسيطرة على الميناء والمطار وفتح الطرق والمحاور وتهيئة الأجواء للإنزالات الجوية والبحرية، مستهدفين السواحلَ المركَزية للميناء والمطار والنقاط المحورية.
وغايتُها من نشرها في وسائل الإعلام بين غايات عديدة هي لفتُ الانتباه إلى محاور الضجيج لمنح القوى السرية الخلفية الوقتَ الكافيَ والغطاءَ التبريري المطلوب عند ما تكونُ جاهزةً للانتفاض من الداخل في قلب الحديدة المدينة والميناء والمطار وتفجير لمعركة من داخلها لحظة تكون التحضيرات العدوانية للانقضاض من الخارج والداخل قد نضجت وآن أوان قطاف ثمارها.
2 – اعتقال الأمن اليمني في الحديدة لشبكات من المتآمرين والمخربين من قُــوَّات العدوّ ومرتزِقته وإعلان ذَلِكَ في وسائل الإعلام.
3 – ضبط الجنرال كاميرت وهو يمارسُ أدواراً لا تمُتُّ لمهامه بصلة ويحاول أن يمارس دوراً لمحامٍ مع العدوّ ويطالب بإخراج الأمن اليمني المحلي وتسليم المدينة والميناء للعدوان ولشرعية هادي ويحاول أن يقدم قراءاتٍ جديدةً للاتّفاقات الموقعة، وهذا التفاهم بين الجنرال كاميرت وغريفيث ومجلس العدوان الدولي ومجلس أمنه الأممي.
5 – هذا العمل الحثيث في مجلس الأمن من قبل الرباعية العدوانية لاستصدار القرارات التي تمهّد وتغطي الفتنة المُخَطّطة القادمة على الأبواب في قلب وحدود الحديدة وحواليها.
ويعتبر الحديثُ في مجلس الأمن عن إرسال بعثة مراقبة عسكريّة مكونة 70 خبيراً مزوَّداً بمعدات خَاصَّــة بالرصد وتفكيك الألغام والمفخخات والصواريخ والقذائف واتّجاهاتها بالتنسيق التام مع الوسائل الرقابية الفضائية للعدوان ودوله، ومزوّدين بالمدرعات والآليات والمركبات المزودة بكاسحات الألغام وكاشفات المفخّخات ومصورات ومجسّات الأنفاق والخنادق والمخازن والعقد ووسائل أُخْــرَى من أجهزة التشويش.
7 – إعلان الجيش واللجان الشعبيّة الأسبوعين الماضيين عن استهداف مجموعة عسكريّين بريطانيين حوالي 13 في جبهات نجران وقبلُ في جبهات مأرب من القُــوَّات الخَاصَّـة البريطانية التابعة لقُــوَّات “الإس أي إس s a s ” بالتنسيق التام مع القُــوَّات الأمريكية الخَاصَّـة المسمى قُــوَّات دلتا.
ويلاحظ أن تلك القُــوَّات متخصصةٌ بالأعمال السرية الخَاصَّـة والمهامات الاستخباراتية والتجسسية وخَاصَّـةً تحديد الأماكن المناسبة لعمليات الإنزال الجوية لقُــوَّات من الجو يتم إنزالها كوماندوزياً بعد نقلها فوق حاملات الطائرات والبوارج الراسية على القُرب من سواحلنا تنتظر إشارة الحركة والهجوم.
8 – توالي مسلسل إسقاط طائرات العدوّ التجسسية المتطورة في أكثر من محور خَاصَّـة الساحل الغربي وَالجبهات الحدودية في نجران وعسير وجيزان، وتوالي الضربات الصاروخية على تجمعات جنود تحالف العدوان ومرتزِقتهم.
9 – مواصلة تقدم قُــوَّات الجيش واللجان الشعبيّة وَسيطرتها على عشرات المواقع الجديدة في عمق جيزان بالقُرب من مركزها حتى باتت المعارك تسمع أصواتها للمواطنين من داخل مدينة جيزان نفسها، مما يدل على اقتراب خطوط وخطوات الجيش اليمني من مركز المدينة ولا تفصله عنها إلّا بعض أميال، وهو ما يؤكّــد على علو قامته واستطالة يديه وأسلحته.
10 – تصفية مؤامرة كشر بالسرعة المطلوبة التي لم تمهل العدُوَّ ولا مناوراته أية فرصة للنجاح والاستمرار والتوسع، وهي البؤرة التي كشفت نهايتها السريعة عن مدى الضعف الذي أصاب العدوان ومؤامراته ومرتزِقته وقيادته ومدى خواء تفكيرهم الاستراتيجي.
11 – وعلى جبهات نهم ومأرب، يواصل أبطال الجيش واللجان الشعبيّة هجماتهم وتقدماتهم المتوالية، محقّــقين اندفاعاتٍ كبيرةً على عدة محاورَ في جبهة الجوف، حيث تم دحر العدوان ومرتزِقته من الجبهات طول الأشهر الثلاث الماضية، منزلة بالعدوّ الكثيرَ من الخسائر في الأرواح والعتاد.
ولعلَّ العمليات الجوية المسيّرة التي توالت على مواقع العدوان وخَاصَّـةً في قاعدة العند التي استهدفت قيادته مطلعَ العام الجديد وأودت بحيات عشرات القادة الكبار للمرتزِقة وخَاصَّـة رئيس مخابرات العدوان وهيئات عليا ورئيس أركانها والعديد من الشخصيات التي تكتم العدوّ عن الإعلان عنها، كانت الصفعة الحربية والعسكريّة الأقوى.
النتائجُ والاتّجاهات
المعركة ما زالت مستمرّةً، فالعدوانُ لا يريد الإقرار والاعتراف بهزائمه وانكساراته، وهو يحاولُ إعادة الكرات مجدّداً ولا يهتم بخسائره ما دام يخدم في الأخير شركات السلاح ووكلائها المحليين ومُخَطّطاتها الكبرى وأغراض الصهيونية العالمية والإقليمية والمحلية وخَاصَّـةً أهداف الصهيونية الاستراتيجية.
كما يحقّــقُ أهدافَ الاحتلال وتمكينَه من احتلال الجنوب وترسيخ وجوده بعد التخلص من بقايا الجيش الجنوبي والمرتزِقة الجنوبيين الانفصاليين واستبدالها بقُــوَّات إرْهَــابية من القاعدة وداعش التي لا انتماء وطنياً لها.
وسبقت الأحداث الأخيرة وكشفت عن تفاهمات عقدت في أبو ظبي ومأرب بين الأمريكيين والإماراتيين والإخوان والإصلاح تمخضت عنها مُخَطّطات التخريب في الحديدة وكشر ونهم وصرواح وتشغيل فرق القُــوَّات الخَاصَّـة المرتزِقة على الأرض والسيطرة على غرف العمليات على مستوى الجبهات لمحاور الأساسية من الساحل الغربي إلى مأرب صرواح وجيزان وعسير.
وهذا هو محتوى الترتيبات الاستراتيجية العملياتية التي يتبناها مجمع الشيطان بقيادة ترامب وبن سلمان وبن زايد وتريزا ماي أَو عصابه العدوان الرباعية.
الأهدافُ والاستراتيجياتُ الجديدة للعدوان على الساحل الغربي والحديدة
منح اتّفاقُ السويد العدوّ الفرصة للنجاة مؤقتاً من هلاك محقّــق على أبواب المدينة البطلة حين أوقف استمرار النار وأقر انسحاب القُــوَّات اليمنية وإعادة نشرها على بعد عشرات الكيلومترات خارج المدينة وفي محيطها، وإخراج القُــوَّات اليمنية من قلب المدينة ومن الميناء والموانئ التابعة لها في الكثيب ورأس عيسى.
وكان إفراغُ المدينة من القُــوَّات اليمنية الحامية لها على رأس أهداف العدوان وإبقاء المدينة من الداخل فارغة يسهل إسقاطُها داخلها، فلم يُلزِم الاتّفاق بإخراج خلايا وعصابات العدوان في المدينة ويمنع أية تحَـرّكات عدوانية في نطاق المربعات التي شملها الاتّفاق المذكور.
وحول هذا الهدف الجوهري الأول للعدوّ، عملت جميع عصاباته الدولية الإقليمية والمحلية على تحقيقه وتهيئة الظروف التي تمهّد له وتقودُ إليه بشكل مباشر أَو غير مباشر واستثمار الوقت والفرص التي توفرها الهدنة، وإفراغ المدينة وموانئها ومطاراتها ومرافقها ومداخلها ومخارجها من القُــوَّات التي تحميها وجعلها عاريةً من كُــلّ حماية وازنة وذَلِكَ الغرض يقفُ على رأس كُــلّ أهداف العدوان الآن منذ مناورة اتّفاق السويد، وخلق آليات وأوضاع تقنية وإدارية وبنيوية وَعسكريّة تجعل الفراغَ الاستراتيجي اليمني مستمرّاً متواصلاً بربطه بقضايا إنْسَانية وحقوقية وقانونية وتضمن المزيد من التجريف للقُــوَّات العسكريّة والأمنية وشبه العسكريّة والأمنية وكل ما يشكل خطراً ولو محدوداً على تحَـرّكات العدوّ القادمة ويعيق تحَـرّكاته.
وَجعل قُــوَّات العدوّ أقربَ إلى المدينة بمرات مضاعفة عن مواقع الجيش اليمني الذي يحدد الاتّفاق الأخير له بُعداً يصل إلى 30 كيلومتراً عن أقرب محيط للمدينة بينما يلتزم العدوّ بسحب قُــوَّاته مسافه 5 كيلومترات مقابل جنوب المطار وكيلو 16، وهدفُه هو أن تكون قدرته على الانقضاض عاصفةً وحاسمةً ما أن تلوح الفرصة المنتظرة من الداخل والخارج.
وتضمن تأخير احتمال تدخل الجيش اليمني ومنعه بقصفه واستهداف مواقعه وخطوطه وعرباته وآلياته خلال الانتقال.. تضمين شروط التدخل الإنزالي الجوي البحري البري الخاطف الذي يخططون له منذ فترة طويله.
وتأتي تصريحات البريطانيين المتكرّرة عن رصدها مبلغ ثلاثمئة مليون دولار لمكافحة الألغام في منطقة الحديدة في هذا الإطار العدواني بَعيداً عن ما تروجه وسائل إعلامهم حول فتح مسارات لإمرار المساعدات الإنْسَانية للمحتاجين والجياع والبؤساء من ضحاياهم، والحقيقة هي أنهم يسعَون لفتح مسارات آمنة لإمرار الأسلحة والقدرات الحربية العدوانية وهي استكمالٌ لما حاولته القُــوَّات الفرنسية بداية الحملة الأخيرة على الحديدة التي أخفقت أمام يقظة القُــوَّات البحرية اليمنية.
واللافت في الاتّفاق أنه يلزم الجانب اليمني المعتدى عليه بإفراغ الموانئ الثلاث التابعة للحديدة معاً ككتله واحدة من القُــوَّات المدافعة عنها مقابل ماذا؟ مقابل تراجع قُــوَّات العدوّ المتقدمة الواقعة في الحصار الثلاثي على مداخل المدينة مسافة نصف كيلومتر أَو كيلومتر وهو ما كان يرجوه لكي يضمن تراجعاً آمناً من توغل خطر واقع فيه فلا يمكنه التقدم ولا التأخر.
إن منحَ الأمم المتحدة دوراً اشرافياً على الموانئ الثلاثة هي فكرة إيجابية شريطة أن لا يقابلها إفراغ الموانئ من الحماية الاستراتيجية الضرورية، مما يعرضها لاحتمالات تهديدِها بانقضاضات مباغتة من الجو ومن البحر دون أن تكون هناك قُــوَّات كافية للمواجهة المحتملة.
وبالرغم من تعنت الطرف العدواني مطمئناً إلى عدم وجود من يحاسبه ما دامت الأمم المتحدة شريكاً في العدوان في النهاية مهما حاول غريفيث أن يستر عورتها ببعض المخصوفات من شجر النخيل، كان الطرف اليمني وما زال يبدي الكثير من حُسن النوايا ويستجيبُ للكثير من المطالب والحجج.
الحقيقة الجافة هي أن الوسيطَ هو العدوّ الأخطر الآن
إن الاعتباراتِ الموضوعية تؤكّــدُ حقيقة أن الوسيط طرف في العدوان فمن الزاوية الموضوعية العملية فالوسطاء هم قادة الهجوم الجديد على أبواب الحديدة فهي تعهدهم الرئيسي الآن وعلى قمة سنامهم الأكبر.
وكان محقاً القائدُ العام المرتزِق الشيخ المحرمي قائد المرتزِقة الجنوبيين في الساحل الغربي والحديدة وهو يخاطب قيادة ما يسمى اللواء الثالث عمالقة المسؤول عن قيادة محور الحديدة التابع للعدوان ومرتزقته “ك16″بعد إبرام اتّفاق السويد قائلاً له بالحرف: “إن التحالُف قد أكّــد لنا أنه خلال تنفيذ الاتّفاق سيتم نزع الألغام وتدمير المواقع والخنادق وَالأنفاق وإفراغ المدينة وَالموانئ من القُــوَّات اليمنية وإعداد العدة لاقتحامها مجدّداً بسرعة خاطفة بدعم شامل مسبق من التحالُف.. لا تعطي الآخر أيةَ فرصة لاستعادتها بعد استقدام قُــوَّاته من أماكنها البعيدة التي وضعت تحت مجاهر الأقمار الصناعية والقيادات الأرضية وَالجوية والبحرية”.
وتعتبر خطاباتُ القيادة العدوانية الداخلية لاتباعها ولقادتها الميدانيين بمثابة توجيه استراتيجي خاص يستندُ على نواياها المبيّتة فهو خطابُ تطمين وضمان التزام لقياداتها الميدانية يحتوي على حقائقَ ذهبية غزيرة جداً وإضَافَةً إلى بقية المظاهر والمواقف والإجراءات التي كُلُّها تلتقي وتصُبُّ في بوتقة مركزية مشتركة واحدة هي تبييت الغدر بالشعب اليمني في الحديدة ومباغتة السكان الآمنين من الداخل والخارج من الجو والبحر والأرض ومن الأمم المتحدة في وقت واحد، وإعادة اجتياح الحديدة بسرعة البرق وهذا أمرٌ يجب أن يكون متوقعاً وطبيعياً بالنسبة للعدوان ووسطائه ومجلس عصابته وأمنه العالمي، وبالنسبة للحالة الدولية والقانونية المسيطرة على العالم اليوم.
وفي كُــلّ الأحوال فالاتّفاقات أياً كانت تعكس مصالح وتوازن الطرفين الراهنة وعندما يتجاوز أيٌّ منهما حالتَه الاضطرارية تلك فَإنه يعمد إلى اختراقها تحتَ أية ذرائع لا يعدمها؛ لأَنَّه يأمل في تحسين مواقعه أَو إحداث خرق استراتيجيّ أكبر يفرض به شروطه على الآخر وَيدحره عن طريقه دحراً.
وكما قال أحدُ كبار الساسة الغربيين يَوْماً: إننا نضع الاتّفاقات لكي نخرقها مستقبلاً عندما تتغير الظروف التي أجبرتنا على إبرامها، فلا قدسية للنصوص والاتّفاقات والمعاهدات إلّا بقدر ما تلبي أغراضاً مشتركة أساسية ضرورية للطرفين.
الدورُ الاستعماري للأمم المتحدة.. “هيمرشولد” مازال هناك
“هيمرشولد” هو أبرز ممثل للنفاق الاستعماري الأممي كان أميناً للأمم المتحدة يَوْماً في الستينيات، وقد استخدم قُــوَّات الأمم المتحدة لاحتلال “الكونجو” الشعبيّة وَإسقاط حكومتها الشرعية الوطنية واغتيال الزعيم الوطني الأفريقي الكبير المناضل في حرب الاستقلال التحرّرية “كوامي نكروما” وتدبير انقلابٍ وحشيٍّ بقيادة المخابرات الأمريكية تحت غطاء ولائحة الأمم المتحدة واليونيفيل وباسم تدخلها لإيقاف الاقتتال الأهلي والحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنْسَانية.
وسخر “هيمر شولد” كُــلّ إمكانات الأمم المتحدة لصالح تمرير مؤامرات الولايات المتحدة التي سترت تدخلها في البلاد الحرة المستقلّة المناهضة للكيان الصهيوني والاستعمار في آسيا وأفريقيا.
وفي مطلع الخمسينيات عملت قُــوَّات الأمم المتحدة لاحتلال كوريا وشن الحرب العدوانية على الشعب الكوري باسم الأمم المتحدة والحماية الإنْسَانية وتحت حصانتها وسمعتها الدولية.
وفي التسعينيات من القرن الماضي شن الأمريكيون الحربَ والعدوان على العراق وأفغانستان وسوريا ولبنان؛ استناداً إلى أغطية دولية وَإلى قرارات الأمم المتحدة التي أباحت للولايات المتحدة عبرَ تحالفها الدولي أن تمارسَ مشروعَها الاستعماري وأن تغطي أفعالها القذرة بإرادية قانونية استندت على أكاذيب وأساطير واضحة البهتان، وفي السبعينيات صمتت الأممُ المتحدة أمام أبشع تدخلات الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية ضد أنْظمة وطنية منتخبة أبرزها كان نظام الرئيس “الندي تشيلي”.
إن نشأة الأمم المتحدة كامتداد لعصبة الأمم في الحرب العالمية الأولى هي أنها منظومة منافقة للاستعمار القديم والجديد وتحت غطائها ارتكبت أبشعُ الجرائم أبرزها كانت احتلال العالم العربي وتقسيمه تحت غطاء الوصاية الأممية وسلخ أقاليم استراتيجية عربية وتسليمها لحلفائها في المنطقة من تركيا إلى شاه إيران وشكلت غطاءً دوليا لاحتلال فلسطين وتهجير اليهود إليها من أنحاء العالم الغربي لاستيطانها وتشريد أهلِها وما زالت إلى اليوم محتلّة تحت غطاء الأمم المتحدة.
الاتّفاقات وأين هي الاتّفاقات؟
في الحقيقة لا يوجد ما سُمّي اتّفاقات حقيقية إلى الآن بين اليمن والعدوان، وأطراف اتّفاق السويد إنَّـما هو في جوهره وحقيقته فهو مُجَــرّد تفاهمات لفك اشتباك مؤقت بين قُــوَّات وإعادة انتشار آمن للقُــوَّات على جبهة مدينة الحديدة فقط، بدليل أن العدوّ يريد أن يأخذ منه ما يريده ويحتاجه لغرضه الآني فقط.
* المركز الاستراتيجي الوطني