ربما يكون هذا كلاما اقتصاديا.. وحلا..

ربما يكون هذا كلاما اقتصاديا.. وحلا..

بقلم: هاشم أحمد شرف الدين
————————
يمثل اعتماد غالبية اليمنيين على مصادر دخل غير حكومية وتحديدا “المرتبات” عاملا مساعدا على عدم حدوث كارثة إنسانية في اليمن جراء العدوان الأمريكي السعودي والحصار الذي يفرضه على اليمنيين، وسلسلة إجراءات التجويع التي فرضها العدوان ومرتزقته بغية تركيع الشعب اليمني، استهدفت – منذ بداية العدوان – قطع كافة الموارد المالية التي كانت تعتمد عليها الميزانية العامة للدولة، وصولا إلى قرار نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى مدينة عدن، الأمر الذي سبب أزمة مالية كبيرة أعلنت عن نفسها – بشكل واضح – بالعجز عن سداد مرتبات الموظفين منذ سبتمبر أو قبله..

ويعني تحويل أكثر من مليون وثلاثمائة ألف موظف – ممَن كان مصدر دخلهم الوحيد هو الرواتب الحكومية إلى مواطنين بلا دخل – توقف المحرك المتبقي لاقتصاد اليمن.
وسيتبعه بالضرورة توقف في عمل القطاع الخاص بشكل عام وإن أمكنه الصمود لفترة قصيرة.

فالموظفون والحكومة نفسها لن يتمكنوا من توفير احتياجاتهم من السلع الأساسية من القطاع الخاص إلا بالدين الآجل، كما ستنخفض مشترياتهم أيضا، وهذا مع الوقت، يفاقم الأزمة لتصل إلى عدم تمكن القطاع الخاص من سداد التزاماته، سواء لموظفيه أو لجهة استمراريته أو لجهة توريد بضائع جديدة.

جميعنا يعلم أن العدوان يراهن على أن هذه الأزمة المالية – مع مرور الأيام والأشهر – ستؤدي إلى خروج الموظفين على السلطة الوطنية في صنعاء، غير مكترث بكونه يرتكب جريمة جماعية لا يقتصر أثرها على الموظفين فحسب وإنما ستفاقم من تدهور الوضع الاقتصادي أكثر فأكثر، والذي سيتبعه بالضرورة تدهور أمني وصحي، وظهور موجات نزوح متعددة ستؤثر على دول الإقليم وفي المقدمة المملكة السعودية حيث الحدود الجغرافية المشتركة، كما قد يكون لها تأثير على العالم ككل باعتبار ما تمتاز به اليمن من موقع استراتيجي هام وتحكمها بحركة الملاحة الدولية عبر مضيق باب المندب..

وفضلا عن ذلك فلن تكون دول العدوان بمنأى عن الملاحقات الجنائية الدولية جراء المجاعات التي ستحدث “كمجاعة التحيتا بالحديدة”، كأثر مباشر للعدوان والحصار وتلك الإجراءات المالية غير القانونية..

وبدلا من أن تكون الأزمة المالية مجرد خطوة عقابية وسلاحا يوظفه العدوان لفرض استسلام اليمنيين، فإنه سيتحول إلى دليل إضافي على كون العدوان يستهدف الإنسان اليمني لا كما يزعمه بأنه قام من أجل اليمنيين ومصلحتهم..

كما أن صمود اليمنيين لمواجهة الأزمة المالية – بتكاتفهم وتكافلهم وتعاونهم – سيجرد العدوان من سلاحه هذا، إذ لن يستطيع العدوان المضي به حتى النهاية، خاصة إذا ما أحرز الجيش اليمني واللجان الشعبية انتصارا نوعيا في عمق الأراضي السعودية، فحدث من هذا النوع كفيل بتغيير سريع للمعادلة في هذا العدوان..

صحيح أن المجلس السياسي الأعلى “حديث العهد” وجد نفسه في موقف لا يحسد عليه، بوقوعه تحت فك العدوان ومرتزقته، الذين يحولون دون تدفق أموال الإيرادات المستحقة للدولة إلى البنك المركزي بصنعاء، لكن يجب عليه أن يحول دون تحرك فك آخر متمثل في غضب موظفي القطاع العام..

وهذا ما يلزمه بإيجاد حلول سريعة بديلة تساعد على الخروج من هذا المأزق..

ولتسمحوا لي بأن أقول إن أكثرها متاحا في الوقت الراهن – مما له أن يساعد – هو ما يمكن البناء عليه في الميزة التي تحدث عنها السطر الأول في هذه المقالة، وهو الاستفادة من اعتماد غالبية اليمنيين على مصادر دخل غير حكومية كالمزارعين والتجار، حيث يمكن توجيه دعوة عامة لهم للإسهام في توفير احتياجات الموظفين الأساسية، عبر إيداعات (مالية وسلعية وخضروات ودواء وأخرى محددة كاحتياجات أساسية) في عمل منظم مرتب بشكل ما “جمعية على سبيل المثال” تستهدف الموظفين فقط، ويتم توزيعها على أساس جهوي “وظيفي قطاعي أو جغرافي محلي”.
وتسجل إسهاماتهم تلك دينا على الدولة، تعاد إليهم عند تجاوز الأزمة المالية..

كما يمكن طلب مشاركة المؤسسات التجارية الكبيرة الناشطة في مجال السلع والاحتياجات الأساسية في هذا العمل، بالآلية ذاتها، بدلا من تكدس سلعها المخزنة حاليا بكميات كبيرة والتي قد يحين موعد انتهاء صلاحيتها قريبا دون أن تباع، جراء انعدام المرتبات في الوقت الحالي..

نكون بهذا قد خففنا من الأزمة، وساعدنا الموظفين – بشكل ما – على الصمود، وقدمنا فرصة منظمة لمن يريد أن يشارك بفعالية في مواجهة العدوان، وحفظنا له ما قدمه باعتباره قرضا تلتزم الدولة بسداده، وفوتنا الفرصة على العدوان الذي يراهن على الأزمة في إحداث تفكك سريع في الجبهة الداخلية لاعبا على تكفل الوقت بتحقق رهانه، وقدمنا للعالم نموذجا يجسد مدى عظمة الشعب اليمني، وصلابة إرادته..
هذا المقترح يطيل من وقت صمودنا في مواجهة الأزمة المالية ولست أقدمه كحل شامل، فالعدو بريد إطالة وقت عدم تسلم الرواتب، وهذا المقترح يطيل فترة الصمود إلى أن يتحقق النصر الذي سيردع العدوان، والذي من المفترض اسهام المتضررين من قطع الرواتب في إحرازه سواء في جبهات القتال أو بالصبر وتحمل هذا المقترح حتى النصر أو انفراج الأزمة المالية..
كتبت هذا وليس لي علاقة بعلم الاقتصاد، فليعذرني أهل التخصص والجميع، لكنها محاولة أتمنى أن تصيب، مع التأكيد أن المقترح هذا لا يعني أنه الحل الوحيد أو البديل..

#هاشم_احمد_شرف_الدين

مقالات ذات صلة

إغلاق