منظمات دولية: على العالم التوقف عن النفاق ورفع الحصار عن ميناء الحديدة
محويت – نت
افتتح الثلاثاء الماضي 25 ابريل 2017في مدينة جنيف السويسرية مؤتمر المانحين لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام 2017 برئاسة الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش”, ومن جانبها عبرت خمس منظمات غير الحكومية عن مدى سخطها ضد ما اعتبروه الجمود الدبلوماسي الذي يعصف بالازمة اليمنية ومدى الهمجية والوحشية التي تنتهجها الاطراف المتحاربة.
جان فرانسوا كوغتي*|صحيفة “لوطون السويسرية” الناطقة باللغة الفرنسية:
تخيل أن 19 مليون شخص في ولاية نيويورك الأمريكية أو سكان هولندا يعيشون في ظل قصف مستمر ويصطلون بنار الحرمان من المساعدات الإنسانية الضرورية التي تعتبر الملجأ الوحيد الذي سيساعدهم على البقاء على قيد الحياة، ناهيك عن كونهم لا يجدون سبيل للفرار, باختصار فقد تخلى عن هؤلاء السكان المجتمع الدولي.
هذا الوضع بالضبط هو ما يعيشية 19 مليون شخص في اليمن منذ عامين. فالسكان هنا بحاجة ماسة للمساعدات الانسانية العاجلة، وبهذا الشأن افتتح امس الثلاثاء في مدينة جنيف مؤتمر المانحين برئاسة الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش.
وبهذه المناسبة، نسعى نحن في المنظمات الخمس إلى اعلان التمرد ضد سلب ارواح الملايين من الرجال والنساء والأطفال الذين وجدوا انفسهم رهينة الجمود الدبلوماسي وهمجية المتحاربين الذين جعلوا من القانون الدولي الإنساني العوبة في ايديهم, فالقانون الدولي الإنساني في اليمن ينتهك بشكل يومي.
462 الف طفل يصارعون الموت:
ففي كل يوم تسعى هذه المنظمات إلى تقديم المساعدة الأساسية الحيوية إلى السكان المعرضين للخطر، ولكن المنظمات الغير حكومية في كثير من الأحيان عاجزة على تنفيذ هذه المهمة الإنسانية.
إن امكانية إيصال المساعدات الانسانية إلى الفئات المستضعفة من السكان في اليمن محدودة و ذلك بفعل الاطراف المتناحرة في هذا الصراع.
وليس هذا فحسب, إذ يعاني موظفي المنظمات من انعدام الأمن, فحياتهم معرضة للخطر, ناهيك عن العقبات الإدارية التي حالت دون وصول هذه المساعدات إلى السكان, و بحكم الأمر الواقع, فان الحصار قد شمل تقريباً المساعدات الإنسانية: المستلزمات الطبية أو المواد الغذائية, وكل هذه الاجراءات ما هي الا نتيجة معاكسة للقرار الأممي ” 2216″ الذي تبناه مجلس الامن الدولي الذي يهدف إلى حماية المدنيين.
يستورد اليمن 90٪ من احتياجاته الغذائية ومقومات الحياة الاساسية قبل اندلاع الصراع. لم يتم اعلان اليمن رسميا ضمن البلدان التي سقط في مستنقع المجاعة وذلك نظراً لان المنظمات لم تتمكن من الوصول إلى بعض المناطق والعمل على تحديد الاحتياجات اللازمة.
كما تشير التقديرات إلى أن 462000 طفل ما دون سن الخامسة يصارعون شبح الموت الناجم عن سوء التغذية, وهذا الرقم على الأرجح لا تمثل الواقع الذي يعيشه اليمن فالارقاما على بكثير, كما يعتبر الإغلاق المحتمل الذي يهدد ميناء الحديدة بمثابة تدهور صارخ للوضع الإنساني في هذا البلد, فهذا الميناء هو نقطة دخول المواد الغذائية الأساسية للمناطق الشمالية من البلد وبالتالي يجب أن يظل مفتوح.
الوضع العام في اليمن اصبح كارثي, إذ لم يتم دفع اجور العاملين في القطاع الصحي منذ بضعة أشهر، ناهيك عن كون أكثر من نصف المرافق الصحية في البلد خارج الخدمة, فالقطاع الصحي برمته اصبح مهدد بالانهيار امام اعيننا.
رفع الحصار عن ميناء الحديدة:
وفي الأخير، ليس خفياً على احد الاستخدام المفرط والمكثف والمتكرر للأسلحة في المناطق المأهولة بالسكان, وهذا يعتبر انتهاك صارخ للمبادئ الأساسية لحماية المدنيين, وبالإضافة إلى سقوط قتلى وجرحى، تواجه الفرق التابعة للمنظمات بعض السكان الذين يعانون من صدمات نفسية وضائقات مالية جراء القلق والاضطرابات التي اصابتهم بعد الصدمات المتكررة التي يتعرضون لها.
فلا مجال للخطاء, فالمجتمع الدولي بأكمله يتحمل المسؤولية الجسيمة جراء هذا الوضع القائم في البلد.
إن الازدواجية والنفاق الدولي التي جمعت بين بيع الأسلحة إلى المتحاربين و الضعف السياسي تتم على حساب حياة المدنيين المحاصرين, واليوم يجب على المجتمع الدولي أن يعمل على ارسال إشارة قوية من خلال حشد مالي من أجل تلبية احتياجات هذا البلد.
ولكن فمن دون رفع الحصار المفروض على البلد وخاصة على الميناء الرئيسي لليمن “ميناء الحديدة” بالإضافة إلى عدم الوقف الفوري للقصف في المناطق المأهولة بالسكان والتأكيد على أولوية وصول المساعدات الانسانية إلى السكان فإن الالتزام المالي من جانب المجتمع الدولي لن يكون لها تأثير يذكر على ارض الواقع.
ان الامر المطروح اليوم ليست الاستجابة المالية فحسب،بل على وجه الخصوص الطريقة التي ينتهجها صناع القرار لحماية المدنيين واحترام القانون الدولي مالم فهم يفضلون دفن العمل الانساني الى جانب جزء كبير من السكان.
شارك في كتابة هذا التقرير الى جانب فرانسوا كوغين من منظمة اطباء العالم كلا من:
يزابيل كارلسن موساغ : منظمة مكافحة الجوع
هيلين كويو: مدير عمليات الطوارئ الدولية
جان بيير دولوميه: مدير منظمة العمل الإنساني الدولية للمعوقين
وائل ابراهيم: مدير مكتب منظمة كير الدولية في اليمن.