هذا هو الاساس الذي جمع بين ” انصار الله ” في اليمن و ” حزب الله ” في لبنان..
محويت نت
========
المحلل العسكري المتقاعد : شارل ابي نادر
ربما يحتاج المراقب البعيد ، او حتى القريب نسبيا ، الى الكثير من الجهد والمتابعة الدقيقة للتفريق بين منهجية وطريقة عمل انصار الله في اليمن او حزب الله في لبنان ، طبعا ليس المقصود هنا لناحية ميدان العمل المقاوم حيث التباعد بالكامل في الجغرافيا وفي منطقة الاهداف وبقعة العمل ، و طبعا ليس من ناحية اسماء القادة والكوادر والمسؤوليين الميدانيين والعسكريين ، حيث ايضا الاختلاف واضح ومحدد ولا لبس فيه ، ولكن ربما تكمن صعوبة التفريق هذه في مجموعة من النقاط المهمة التي تدخل في اساس تركيبة ونمط عمل المقاومة والمواجهة لدى كل من الاثنين : الحزبين …او المدرستين …او الثقافتين … او ” الجيشين ” !! وحيث ربما تكون التسمية الاخيرة هي الانسب ، ويمكن تلخيص هذه النقاط بالتالي :
في الصمود
لقد فاجأ كل من انصار الله او حزب الله العالم القريب و البعيد بالكامل ، اولا لناحية الصمود بمواجهة قوى اكبر واقدر في الامكانيات العسكرية والمالية والاعلامية والديبلوماسية ، اقصد اسرائيل لناحية حزب الله ، و التحالف الدولي الاقليمي السعودي لناحية انصار الله ، وثانيا لناحية اثبات كل من الحزبين لنفسه في اية معادلة ، تفاوضا او مواجهة ، وحيث كان اغلب المعادين للاثنين يجهلان بداية قدرات المواجهة لدى حزب الله او لدى انصار الله ، اقتنع هؤلاء جميعا مرغمين بانه لا مجال بتاتا لتخطي حزب الله او انصار الله في الميدان او في الديبلوماسية او في التفاوض .
في الايمان
كان لناحية الالتزام الديني الصحيح والبعيد عن التشدد ، و الذي يميز حركتي انصار الله او حزب الله ، اثرا اساسيا وجارفا في تكوين مناعة اخلاقية ودينية وانسانية لدى قيادتي ومقاتلي الاثنين ، ساهمت في تحقيق اغلب انتصاراتهما وتفوقهما في الميدان ، وقد لعب العامل الديني دورا مهما في تزيين مقاتلي الاثنين بالقدرة على الثبات والصبر والصمود في اغلب واصعب واقسى معاركهما ، وحيث كان جنود ومقاتلي الجيشين ( حزب الله وانصار الله ) يلتزمون ويحترمون المبادىء السامية التي يقدمها ويهبها لنا الدين والايمان بالله سبحانه وتعالى ، كانت دائما معاركهما تتميز بالنظافة و باحترام الانسان والنفس البشرية .
في تطوير القدرات القتالية
لقد عمل الاثنان في كافة معارك المواجهة التي خاضوها ويخوضونها على مبدأ التطوير الدائم لقدراتهما القتالية ، لناحية اكتساب الخبرات وصقلها وتهذيبها ، او لناحية الحصول على قدرات وامكانيات عسكرية ، تجميعا ، تصنيعا ، شراء او استلاما من دول حليفة ، وقد استفاد مقاتلو وكوادر كل من حزب الله او انصار الله من المعارك التي خاضوها لاكتساب خبرات قتالية ضخمة ، يعجز اي جيش في العالم على اكتسابها في هذه الفترة القصيرة نسبيا من الزمن ، والسبب انخراطهم في المئات لا بل في الالاف من المعارك الشرسة بمواجهة جيوش ومجموعات مدربة جيدا ومجهزة باحدث انواع الاسلحة والعتاد العسكري ، وكل ذلك كان يشكل الفرصة المناسبة لتطوير القدرات والامكانيات فنيا وتقنيا وتكتيكيا .
في النظرة الاستراتيجية
في متابعة دقيقة ومفصلة لمسار المواجهة التي فرضت على كل من حزب الله او انصار الله ، نلاحظ ان منهجية عمل كل منهما قامت استنادا لخطط مبرمجة ثابتة ومدروسة ، بعيدة عن التشنج او عن العصبية بالرغم من الضغوط الهائلة التي مورست على كل منهما ، و في مقارنة بسيطة بين ما تعرض له حزب الله او انصار الله على كافة الصعد العسكرية والمالية والديبلوماسية والاجتماعية ، و بين ما حققه كل منهما على صعيد المواجهة ، نجد هذا المسار الثابت في النظرة الاستراتيجية البعيدة الرؤية ، في اختيار المناورة ، في ادارة القدرات الصاروخية والاسلحة الكاسرة للتوازن ، في اختيار قرار الحرب او التفاوض ، في اختيار الحليف والثبات معه واحترامه و الاهم من ذلك كله ، في القرارات المصيرية الاستباقية .
في الالتزام بقضايا الامة ومواجهة الاستكبار الصهيوني – الاميركي
لم يكن يوما خطاب حزب الله او انصار الله في الحرب او في السياسة الا من ضمن سقف الالتزام بقضايا الامة العربية او الاسلامية ، وكانت دائما قضية فلسطين والحق المهدور فيها ، او قضية التعدي الصهيوني الدائم على المقدسات الاسلامية او المسيحية ، هي القضية الام في خطاب وعمل كل من الاثنين ، طبعا بالاضافة للالتزام التام بقضايا لبنان او اليمن و بالرغم من تنكُّر العديد من العرب والمسلمين لدورهما او لمواقفهما ، كانت هذه القضية هي البوصلة الاساس التي تحرك استراتيجية ومنهجية حزب الله او انصار الله ، و انطلاقا من هذه البوصلة وعبرها ، خُلق ونَما و ترعرع عصب المقاومة و مضمون المواجهة لدى الاثنين .
في شخصية القائد
بمعزل عن الصوت واللكنة والبحة المميزة ، والتي ينفرد فيها كل من السيد حسن نصرالله امين عام حزب الله اللبناني او السيد عبد الملك الحوثي ق
ائد حركة انصار الله اليمنية ، تتشابه الى حد بعيد شخصيتهما ، في الخطابات و طريقة التوجه وايصال الفكرة والمضمون ، في طريقة التفكير وربط الامور ومنهجية التواصل والتأثير على المستمع او على المتابع ، في ادارة و قيادة المواجهة ، في الميدان حيث الاثنان ملمان وبامتياز بكافة تفاصيل المعركة ، لناحية المناورة والقدرات والاهداف وقوى الصديق او قوى العدو ، او لناحية معرفة نقاط الضعف او القوة لكل مناورة او معركة ، وايضا في السياسة حيث يملكان صورة واسعة ودقيقة محليا واقليميا ودوليا ، وايضا في التشاور والاستماع والاخذ بالرأي وتقدير الموقف .
واخيرا … تبقى نقطة مشتركة بين الاثنين قد تكون هي الاهم في حضور و في وجدان وفي وتاريخ الاثنين ، انها الوعد الصادق والنصر الدائم .